لا نملك الكلمات التي تعبر عن اعمق مشاعر العزاء لآل ابو طويلة الكرام بالرحيل المفاجىء لولدهم المرحوم باذن الله تعالى الدكتور عبدالله عصام ابو طويلة ، وهو الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين عاما فقد احتسبوا وصبروا ووكلوا امرهم لله تعالى.
رغم المصاب الجلل ، ورغم الاحزان التي لفت العائلة الكريمة وهي تتلقى نبأ اصابة ولدها عبدالله بجلطة ادت الى وفاته دماغيا ، لم يمنعها من اتخاذ القرار الصعب وتتبرع بأعضائه لصالح المرضى ، ولوجه الله تعالى ليكون ذلك صدقة جارية عن روح الفقيد تنفعه يوم الحساب.
عائلة ابو طويلة فقدت ابنها عبدالله ، وهو الاول على دفعته في كلية الطب بجامعة العلوم والتكنولوجيا ، وهو بطل الاردن في التايكواندو ، لكنها بعملها الانساني الرائع وبفضل الله تعالى انقذت خمسة اشخاص حيث تم زراعة الكبد ولأول مرة في المملكة على ايد كفاءات اردنية بحتة في مدينة الحسين الطبية بعد ان كان بعض الخبراء والاطباء الاجانب من تركيا يقومون بهذه الزراعة ، وانقذت حياة مواطن عانى من فشل في الكبد منذ عامين ، بينما زرعت الكلية لمواطن اخر كان يواصل رحلة العذاب في عمليات غسيل الكلى الى ان قيض الله تعالى له من يغير حياته ويصبح انسانا عاديا منتجا ، وكذلك الكلية الثانية لشخص اخر فيما كانت المفاجأة تمت بزراعة القرنيتين لطالب وطالبة وهما على مقاعد الدراسة.
لقد ضرب الانسان النبيل والاصيل عصام ابو طويلة اروع المثل بأن تبرع بأعضاء ولده فكتب الحياة الكريمة باذن الله تعالى لخمسة اشخاص تلهج السنتهم بالدعاء ان يتغمد الراحل الكريم بواسع رحمته ويلهم آله وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.
لقد بذل اللواء الطبيب عبداللطيف وريكات مدير الخدمات الطبية الملكية ، يساعده اللواء الدكتور خلف الجادر وفريق كبير من الاطباء والطواقم الاخرى جهودا مميزة وعلى مدار ساعات طويلة حتى تم استدعاء الاشخاص المناسبين واجراء العمليات الجراحية وكان لديهم التطابق النسيجي مع الاعضاء المتبرع بها ولمدة تزيد عن العشرين ساعة حتى اطمأنوا على نجاح هذه العمليات ، وعادت السعادة والبسمة الى هؤلاء وذويهم.
لقد آن الاوان لابناء الوطن الغالي ان يقتدوا بهذه العائلة الكريمة والتي سبقها بعض العائلات في الماضي ومن بينهم آل عكروش الذين تبرعوا بأعضاء ولدهم الشاب وليم اديب عكروش ، واستفاد منها العديد من المواطنين ، بان تبرعوا بالاعضاء بعد الوفاة لانقاذ حياة الاخرين خاصة وان لدينا المئات الذين نفقدهم في حوادث الطرق ويصابون بالموت الدماغي والذي يمكن في حالته هذه الاستفادة من الكليتين والكبد بصورة خاصة.
ليس سرا ان لدينا الاف المرضى الذين يعانون من امراض القرنية والفشل الكلوي ويقومون بعمليات غسيل الكلى والتي تكلف الحكومة سنويا ما يزيد عن ثلاثين مليون دينار من ميزانيتها وان ترسيخ ثقافة التبرع بالاعضاء والتي افتاها العلماء على انها صدقة جارية من شأنها انقاذ حياة اعداد كبيرة من المواطنين وتوطيد اواصر الالفة والمحبة بين الاسر والعائلات.
اننا نأمل ان يتم تأسيس المركز الوطني الاردني لزراعة الاعضاء ليصبح العمل مؤسسيا وليس عملا فرديا ، بحيث يتولى كافة المسؤوليات الادارية والفنية
بقلم أحمد جميل شاكر